منسق لجنة الانتخابات في هيئة التفاوض السورية

تتضمن مسودة مضامين الإطار الانتخابي التفاوضي في العملية السياسية خلاصة عمل لجنة الانتخابات والخبراء والمختصين لسنوات، وهي تتعلق بالعملية الانتخابية بكل أبعادها والمواد الدستورية والقوانين التي يجب تعديلها أو إعادة صياغتها أو تبنّيها في المرحلة الانتقالية، لضمان انتخابات حرة ونزيهة وشاملة ومراقبة دولياً بعد وضع دستور جديد لسوريا.

منذ تشكيل لجنة الانتخابات عام 2017، والمكونة من سبعة أعضاء يُمثّلون المكونات السبعة التي تتشكل منها هيئة التفاوض السورية، ويساندهم فريق من المختصين والتقنيين، عمِلنا على دراسة كل ما له علاقة بالعملية الانتخابية وضماناتتها، والحق في الانتخاب والترشيح، وقانون الأحزاب السياسية، والاستفتاء والإدارة الانتخابية والحملات الانتخابية، ونُظُم التمثيل، وحدود الولاية، والشواغر والعزل، والمشاركة السياسية للقوات المسلحة، والتصويت في الخارج، ومراقبة الانتخابات وشفافيتها، والفصل في النزاعات الانتخابية وغيرها من المواضيع ذات الصلة.

قمنا بإعداد الكثير من البحوث، وعقدنا ورشات عمل، وأجرينا مشاورات سياسية، واطلعنا على تجارب ودساتير دول أخرى، كما قمنا بمقارنات للمضامين الدستورية في الدساتير السورية، واستندنا إلى قرارات الأمم المتحدة، ونقوم بتطوير المسودات التي توصلنا إليها لتكون متوافقة مع ما عملت عليه اللجنة الدستورية، لنؤسس لمنظومة سليمة لأي انتخابات مقبلة.

يعمل النظام السوري بشكل منهجي منذ أكثر من عقد على تعطيل كل القرارات الدولية، والتهرب من تنفيذها، ويرفض المضي قدماً بأي خطوة تتعلق بالحل السياسي وفق القرار 2254، ومن الواضح أنه لن يقبل بأية انتخابات مراقبة أو شفافة، الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية، وقد رصدنا الانتخابات التي أُجريت في سوريا بالتنسيق مع المنظمة الدولية للنظم الانتخابية (آيفيس)، وحددنا حجم التزوير والخروقات والتلاعب، ودرسنا الجوانب الدستورية والتشريعية والإدارية التي يجب إصلاحها لكي تكون متوافقة مع معايير الانتخابات المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

يتهرب النظام من التفاوض الآن، ليس حول سلّة الانتخابات فقط، وإنما حول كل العملية السياسية، وقام بتعطيل عمل اللجنة الدستورية، لكنه لن يستطيع التهرب إلى ما لا نهاية، ونعمل للتواصل مع ممثلي المجتمع الدولي لتفعيل العملية السياسية بكافة عناصرها، والوقوف ضد محاولات أي طرف دولي أو إقليمي أو عربي لإعادة تدوير النظام.

لم يتخل النظام السوري منذ عام 2011 ولغاية اليوم عن الحل الأمني والعسكري، وعقد تحالفات مع دول دعمته ليبقى مسيطراً على سوريا بالعنف، ورَفَضَ التجاوب مع مطالب الشعب الذي نادى بالحرية والعدالة والديمقراطية ودولة المواطنة والقانون والتداول السلمي للسلطة، ورفض كل القرارات الدولية والمبادرات العربية، وعطّل كل مفردات الحل السياسي، وما يزال يتسبب مع حلفائه في قتل وتشريد الشعب السوري.

مقابل هذا، تعمل قيادة هيئة التفاوض على الإبقاء على الحل السياسي حياً، ونعمل لتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بسوريا، ونبحث مع الدول الصديقة آليات تفعيل دور الهيئة داخل مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العمومية، وإبقاء الملف السوري حاضراً داخل أروقة المنظمات الدولية. كذلك تفكّر الهيئة بطرق ضغط بعيداً عن مجلس الأمن، بالتعاون مع منظمات دولية حقوقية وسياسية.

نحن نتحدث عن سلة الانتخابات، عن منظومة قوانين ومواد دستورية يجب أن تكون موجودة في الدولة السورية المأمولة، وتتماشى مع المعايير الدولية الديمقراطية، تلتزم بها جميع الأطراف، وهذه المنظومة مطلوبة في المرحلة الانتقالية في أي حل سياسي، كما أنها مطلوبة في الدستور الجديد الذي تعمل االجنة الدستورية عليه، ونقوم بالتنسيق مع اللجنة الدستورية لنضمن عدم وجود أي تناقض بين النصوص الدستورية والمبادئ الدولية فيما يخص مضامين الإطار الانتخابي التفاوضي في العملية السياسية.

صحيح أن النظام السوري وحلفائه يقومون بتعطيل عمل اللجنة الدستورية، ويرفضون عقد الجولة التاسعة من اجتماعاتها، ويتذرعون بحجج لا علاقة للسوريين بها، إلا أننا نعمل من أجل سوريا المستقبل، وسنستمر في عملنا لنضع المبادئ الواجب وجودها في الدستور والقوانين السورية، وتضمن نظام حكم تعددي يتم تداول السلطة فيه سلمياً ويمثل السوريين، وهذا ما سيحصل مهما حاول النظام التهرّب منه.

صدر القرار 2254 عن مجلس الأمن الدولي عام 2015، وقبله صدر القرار 2118 عام 2012، وهناك سلسلة من القرارات الأخرى التي صدرت خلال اثنا عشر عاماً، وجميعها لها أثر تراكمي، لأن قرارات مجلس الأمن لا تُلغى ولا يلغي بعضها البعض، وتنص المادة الرابعة من القرار 2254 على دعم عملية سياسية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر حكماً ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.

نجدد التأكيد على أنه لا حل سياسي للقضية السورية إلا عبر تطبيق قراري مجلس الأمن 2118 و2254، ونتواصل مع الدول ذات الشأن لتُمارس سلطتها لتحريك هذا الحل السياسي، وإيجاد آليات مُلزمة. ونعمل بكافة الوسائل الدبلوماسية والسياسية والقانونية للتأكيد على أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد للوصول بسوريا إلى بر الأمان، ووقف الحالة الكارثية التي وصلت إليها، والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، ودون هذا الحل فإن الأوضاع في سوريا ستستمر في التدهور من سيء إلى أسوأ.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *